مدونــة البحـــر

الثلاثاء، ١٠ فبراير ٢٠٠٩

واشنطن تدفع الجزية


كنت في زيارة لأحد زملاء الدراسة الطبية -ولكنه
بالإضافة لذلك فهو قاري جيد ومتعمق في التاريخ الإسلامي- عندما فاجئنا بقوله : "هل تعلمون أن جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية كان يدفع الجزية لوالي الجزائر المسلم بكلر حسن في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي"

بعد ارتسام معالم الحيرة والدهشة على وجوهنا .. أردف قائلاً

في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي بدأت السفن الأمريكية بعد أن أعلنت أمريكا استقلالها عن إنجلترا سنة (1776م) ترفع أعلامها لأول مرة سنة (1783م)، وتجوب البحار والمحيطات.

وقد تعرض البحارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا على إحدى سفنها في مياه قادش، وذلك في (1785م)، ثم ما لبثوا أن استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تخص الولايات المتحدة الأمريكية وساقوها إلى السواحل الجزائرية.




ولما كانت الولايات المتحدة عاجزة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية، وكانت تحتاج إلى سنوات طويلة لبناء أسطول بحري يستطيع أن يواجه الأسطول العثماني اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في ( 5 من سبتمبر 1795م)، وقد تضمنت هذه المعاهدة "22" مادة مكتوبة باللغة التركية، وهذه الوثيقة هي المعاهدة الوحيدة التي كتبت بلغة غير الإنجليزية ووقعت عليها الولايات المتحدة الأمريكية خلال تاريخها الذي يتجاوز قرنين من الزمان ، وفي الوقت نفسه هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية، وبمقتضاها تدفع إلى الجزائر على الفور 642 ألف دولار ذهبي ، و1200 ليرة عثمانية ، وذلك مقابل أن تطلق الجزائر سراح الأسرى الأمريكيين الموجودين لديها، وألا تتعرض لأي سفينة أمريكية تبحر في البحر المتوسط أو في المحيط الأطلسي


وعلى الرغم من ذلك فإن السفن العثمانية التابعة لولاية طرابلس بدأت في التعرض للسفن الأمريكية التي تدخل البحر المتوسط ، وترتب على ذلك أن أرسلت الولايات المتحدة أسطولاً حربياً إلى ميناء طرابلس في (1803م)، وأخذ يتبادل نيران المدفعية مع السفن الطرابلسية


وأثناء القتال جنحت سفينة الحرب الأمريكية "فيلادلفيا" إلى المياه الضحلة، لعدم درايتها بهذه المنطقة وضخامة حجمها حيث كانت تعد أكبر سفينة في ذلك التاريخ، ونجح البحارة المسلمون في أسر أفراد طاقمها المكون من 300 بحار.

وطلب والي ليبيا "يوسف باشا" من الولايات المتحدة غرامات مالية تقدر بثلاثة ملايين دولار ذهبا ، وضريبة سنوية قدرها 20 ألف دولار سنويا ، وطالب في نفس الوقت "محمد حمودة باشا" والي تونس الولايات المتحدة بعشرة آلاف دولار سنويا.

وظلت الولايات المتحدة تدفع هذه الضريبة حماية لسفنها حتى سنة (1812م)، حيث سدد القنصل الأمريكي في الجزائر 62 ألف دولار ذهباً، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي تسدد فيها الضريبة السنوية


هنا المزيد

جالت في خاطري حينها المقولة المشهورة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام < بالجهاد .. بالمقاومة .. بالوحدة > ، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله


وتذكرت تدوينة سابقة <سيدنا عمر و سيدهم جورج> كنت قد تحدثت فيها عن اقتباسات الحضارة الغربية الحاضرة من حضارتنا الإسلامية الغائبة


وتذكرت قصيدة شاعر الهند العظيم "محمد إقبال" عندما قال

كنا جبالا في الجبال وربما سرنا **** علـى مـوج البحـار بحـارا

بمعابد الإفرنـج كـان آذاننـا **** قبل الكتائب يفتـح الأمصـارا

لم تنس أفريقيا ولا صحراؤهـا **** سجداتنا والأرض تقذف نـارا

وكأن ظل السيف ظـل حديقـة **** خضراء تنبت حولنا الأزهـار

لـم نخـش طاغوتـا يحاربنـا **** ولو نصب المنايا حولنا أسوارا

ندعو جهارا لا إله سوى الـذي **** صنع الوجود وقـدر الأقـدارا

ورؤسنا يـارب فـوق اكفنـا **** نرجوا ثوابك مغنمـا وجـوارا

كنا نري الأصنام مـن ذهـب **** فنهدمهـا ونهـدم فوقها الكفـارا

لو كان غير المسلمين لحازهـا **** كنزا وصاغ الحلي والدينـارا


يا رب نصرك لدينك وكتابك و أمتك
posted by أحمد سعيد بسيوني at ٢:٢٩ ص

9 Comments:

كويس انى اكون اول تعليق يا ابو حميد

نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فان ابتغينا العزه فى غيره اذلنا الله

وربنا يعيد العزه والنصر للاسلام ان شاء الله

١٠ فبراير ٢٠٠٩ في ٧:٥٠ ص  

السلام عليكم ..

فعلا يا أحمد مهما ابتغينا العزة في غيره ,
في الاتفاقيات الاقتصادية و لا في قيادة المنطقة و لا في أي حاجة غيره ربنا هيذلنا ,

علشان كده الناس دول بتترعب من حاجة اسمها جهاد , و بيحاولوا بأي طريقة يخلونا احنا دلوقتي نخاف منها و نخاف من أي حد ممكن يكون له صلة بيها ..

جزاك الله خيرا يا أحمد انت و صاحبك على الموضوع اللي الواحد فتح بقه :) و هو بيقرأه برضه ,

تحيتي

١٠ فبراير ٢٠٠٩ في ٨:١٣ ص  

السلام عليكم
موضوع اكثر من رائع,ومعلوماته قيمة,وفعلا معلومات اول مرة اعرفها,
جوزيت خيرا انت ومن اطلعك على هذه المعلومات.
فعلا عزتنا كلها في اسلامنا
فلو ابتغينا العزة في غيره اذلنا الله.

١٠ فبراير ٢٠٠٩ في ١١:٠٩ ص  

بوست من اروع ما قرأت بجد
تسلم ايديك وجزاك الله خيرا على المعلومة والتذكرة باننا كنا اسايدهم بس العيب مش عليهم علينا احنا لاننا شغلنا بالنا بحاجات غير نصرة دينا الله
نحن قوما اعزنا الله بالاسلام فان ابتغينا العزة من غيره اذلنا الله
واظن مافيش ذل اكتر من اللي احنا فيه في الايام ديه

يارب يارب نور بصيرة المسلمين وجمع شملهم ووحدة رايتهم في نصرة الاسلام

بوست راااااااااااااااااااااائع
سلمت يمينك

١٠ فبراير ٢٠٠٩ في ٦:٣٧ م  

ربنا يفتح نفسك يا دكتور بس ياريت المرجع

١٠ فبراير ٢٠٠٩ في ٧:٤٢ م  

جميل يا احمد ربنا يعزك

١١ فبراير ٢٠٠٩ في ٢:٠٦ ص  

ياسيدى زمان كنا بناخد منهم الجزيه ودلوقتى بناخد منهم المعونه والاجر والثواب على الله

١١ فبراير ٢٠٠٩ في ٣:٣١ ص  

ياااااااااااااالله

اول مره اعرف الموضوع ده

فييييييييين الايام دي


انا لله وانا اليه راجعون

١١ فبراير ٢٠٠٩ في ١١:٥٤ ص  

بسم الله

د عرفة
م ابراهيم سلام
سلمى محمد
أ فتافيت
م محمد شلبي
د عصام
محمد الشرقاوي
عاشقة الفردوس

جزاكم الله خيرا

الباشمهندس عصفور المدينة
المراجع كما ذكرت على موقع اسلام اونلاين هي

* جلال يحيى: المغرب العربي الحديث والمعاصر - الهيئة المصرية العامة للكتاب –الإسكندرية- 1983م.

* يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية- ترجمة عدنان محمود- منشورات مؤسسة فيصل للتمويل- تركيا- 1990.

* شوقي عطا الله الجمل: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث - مكتبة الأنجلو-القاهرة - 1977م.

* يوسف فهمي الجزايرلي: أرض البطولة- الجزائر- الإسكندرية- 1964م.


دمتم بخير

١١ فبراير ٢٠٠٩ في ١٢:٣٤ م  

إرسال تعليق

<< Home