مدونــة البحـــر

الأربعاء، ١٧ سبتمبر ٢٠٠٨

في مشهد مهيب 1


بسم الله الرحمن الرحيم


"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"




قراءتها ضمن الورد القرآني الرمضاني فعادت بي إلى الوراء سبع سنوات أو يزيد

كانت جريمة بشعة ، جريمة ظلت مدينة "تعز" تتحدث بها أياماً عدة ، جريمة تقشعر منها الجلود و الأبدان


ثلاثة قطاع طرق تعرضوا لرجل وعائلته عند عودتهم من السعودية إلى بلده "اليمن السعيد" براً بسيارته الخاصة ، قتلوا الأب واغتصبوا الأم والبنات وسرقوا الأموال والسيارة ... وهربوا

بعد أيام قلائل أتت البشرى بالقبض عليهم ، و بعد محاكمة عادلة حُـكمَ عليهم بحكم الشرع ... القتل والصلب


و أتى اليوم المحدد المعلوم ، كان يوم أربعاء ، "زوغت" من المدرسة يومها حيث كان المعاد الساعة الـ 11 صباحاً


كان الساحة ممتلئة على آخرها في مشهد مهيب ، الجموع تتقاطر من جميع الاتجاهات و الأماكن صوب هدف واحد

كانت الساحة محاطة بسور صغير وفي منتصفها انخفاض نسبي عن مستوى الأرض المنبطحة ، التف الجميع وتجمعوا خلف السور بانتظار القادمين من بعيد


لحظات ... يأتي بعدها الموكب ، كانت سيارة ترحيلات كبيرة سوداء مصفحة ، أمامها "بوكس" صغير بعساكر مسلحين ومن خلفها آخر ، ومن ضمن الموكب سيارة صغيرة ملاكي لقاضي المحكمة والطبيب


يهبط الجميع ، يُجر الثلاثة المحكوم عليهم مربوطي الأعين ومقيدي الأيدي من الخلف ، إلى منتصف الساحة مباشرة

يتلو القاضي الحكم للمرة الأخيرة ، وينتظر لعله يستجد في الأمور أمور من عفو أو صفح أو غيره ، ولكن الجريمة كانت بشعة بكل المقاييس ، بحيث تصبح فكرة العفو من أهل المجني عليه .. مستحيلة


يتوجه "عشماوي" إلى القتلة بسؤال عن رغبتهم الأخيرة ، منهم من صلب صلاة ركعتين ، ومنهم من طلب غير ذلك، وكان الطلب الغريب من أحدهم أن يخزن وهي أن يمضغ القات النبتة الشعبية المنتشرة جداً في اليمن وهي نبتة مخدرة فلـُبي لكل طلبه وحانت ساعة الفصل


حضر الطبيب وحدد مكان قلب كل جاني برسمه صغيره على ظهره ، وبدأ حكم الله في التنفيذ ، وبدأ القصاص الحق


بُطِحَ الأول على بطنه ونفذ فيه الحكم رمياً بالرصاص في مكان القلب مباشرة بطلقات سريعة ، فالثاني ، فالثالث ، وسط تهليلات وتكبيرات واستغفار و رحمات الحاضرين

نصبت بعدها الأخشاب وصُـلب الثلاثة ... لثلاثة أيام متتالية

عادت الجموع إلى بيوتها سالمة مطمئنة ولسان حالها يقول : ما اعظم شرع الله ، وما اجمل العيش في ظل الشريعة الإسلامية ، وهنا تكمن العبرة في إقامة القصاص علانية

إن بالقصاص من نفس واحدة تعيش وتَسلم وتأمن وتطمئن مئات بل ألوف النفوس ، و كما قيل قديماً القتل أنفى للقتل
فمن علم انه إذا قتل عمداً قُـتل ، فانه سيرتدع عن فعلته
ومن علم انه إذا زنى - وكان محصناً - رجم بأحجار البيت الذي هدمه حتى الموت ، فانه سيرتدع عن فعلته
ومن علم انه إذا سرق – نصاباً معيناً حدده الفقهاء في زمن غير زمن جوع أو خوف – فانه ستقطع يده التي مدها وسرق بها مال غيره ، حتماً فانه سيرتدع عن فعلته

لاشك أن شريعة الله عادلة كل العدل ، وكاملة كل الكمال ، شريعة تتسع لتشمل جميع مناحي ومجالات الحياة

شريعة - والله الذي لا اله إلا هو - لو علم إخواننا النصارى بأحكامها و أهدافها وغاياتها لطالبوا أن تكون الشرعة والمنهاج لمصرنا الحبيبة قبل المسلمين أنفسهم

على النقيض .. يحكي أحد الزملاء عن واقعة زنا وقتل عمد وقعت في قريتهم الصغيرة ، فحكمت المحكمة على الزاني القاتل بالسجن 25 عاماً خرج منه بعد انقضاء 15 عاماً بشهادة حسن سيرة وسلوك ... لا تعليق


أخيراً .. أحب أن أشير إلى قول جميل للشيخ جاد الحق علي جاد الحق / شيخ الأزهر السابق يقول :

{ لقد شَرَع الله القِصاص من القاتل عُقوبة دنيوية له حقنًا للدماء، وكَفًّا عن العدوان على الأرواح، وحياة للناس، ورفعًا للأحقاد من النفوس، وقد جعل الله لأولياء الدم سلطانًا على القاتل الذي يَثبُت عليه القتل، ومع ذلك حَبَّب إلى نفوسهم العفوَ عنه، وذكَّرهم بعاطفة مَنبَع التراحم والتسامُح وحذَّرهم من نقْض العفو ؛ نفاذًا لقول الله تعالى : (يَا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ والعَبْدُ بالْعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالمَعْروفِ وأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ورَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ** ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الآيتان رقم 178، 179 من سورة البقرة) }

يضيف الشيخ جاد الحق موضحاً : { فلا يجوز لأحد أن يَقْتَصَّ من أحد حَقَّه دون السلطان الذي أعطاه الله هذه السلطة ، وليس للناس أن يقتصَّ بعضُهم من بعض ، وإنما يكون ذلك للسلطان ، أو مَن نَصَّبه السلطان لذلك }

اللهم أدم على بلدنا الحبيبة الأمن و الأمان والطمأنينة والسكينة والاستقرار ، واجعل من شريعتك الإسلامية قانوناً ودستوراً ومنهاجاً لها ... اللهم آمين


*************
بإنتظار ... " في مشهد مهيب " 2 ... عن اعجب واقعة قصاص

posted by أحمد سعيد بسيوني at ٢:٣٥ ص

14 Comments:

فعلا لو شرع ربنا اتنفذ صح

البلد هتبقي احسن وكل مجرم هيفكر

قبل مايرتكب الجريمه بتاعته

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٥:٥٨ ص  

موضوع رائع كعادتك دايما يا بيسو .واكتر حاجه بتعجبني في كتاباتك اسلوبك البسيط الواضح وكمان انتقائك للهدف من وراء سرد الموقف.بس انا عايز اشوفلك اعمال ادبيه من خيالك كده .وربنا يوفقك يا بيسو وتمتعنا باعمالك.وكل عام وانتم بخير

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٩:١٦ ص  

السلام عليكم ..

القرآن هو الدستور السماوى الذى

أنزله الله لهذه الأمة .

فلو طبقنا هذا الدستور لاطمئن كل

انسان على نفسه وماله وحقوقه .

شكرا على هذا البوست الرائع

تحياتى ...

عمار صبرى.

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١١:١٨ ص  

الحكم بما أنزل الله يضمن للجميع الأمن والأمان من حاكم ومحكوم ولكن أين العقول التي تفهم ذلك وتعمل له
جزاك الله على القصة المؤثرة

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١:٣١ م  

والله كلام مضبوط

لو اللى ناوى يعمل جريمة ما فكر فى انه حيتحاسب عليها الحساب ده مش حتنتشر الجرائم ولا حد حيقدر يعمل حاجة غلط

لكن انا بابا قاللى ان اللى بيسرق لما بيودوه القسم علشان يحققوا معاه ممكن الضابط يقوله روح ولو عملت كدةتانى ححبسك

حاجة مسخرة والله

ربنا يصلح احوالنا

موضوع هايل و نوقش بشكل اكثر من رائع

جزاكم الله جيرا

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٢:١٣ م  

شكرا لك على الزياااااااااارة
مدونة جميلة ما شاء لاله

و تحيااااااااتى
رمضان
كريم

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١٠:٢٣ م  

السلام عليكم يابوحميد
تدوينة جميلة
سبحان الله
كثيرا ما عشنا آثار تطبيق شرع الله

وما انتشار الجرائم ..الخ
الا نتيجة طبيعية للابتعاد عن شرع الله

لك تحياتي

١٧ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١١:٥٨ م  

ان كنت ممن يتذوقون الشعر العامى والزجل ، ارجو زيارة مدونتى والتفضل بالنقد والتعليق ، فالنقد كالنصح ، والدال على الخير كفاعله
كلنا نقدس مصر ، ولكن اليس من حقنا ان نغضب اذا ما انحرف المسار

١٨ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٢:٣١ ص  

هوه ليه يابوحميد سبوهم 3 ايام بعد القصاص

١٨ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٤:٤٥ م  

بسم الله

تحية إلى كل الاخوة المعلقين ، اسأل الله تعالى أن يتم عليهم شهر رمضان وهم في صحة وعافية وعفو وغفران

بالنسبة للأخ السائل عن سبب " سبوهم 3 أيام " ، وهو أن حكم الشرع في قطاع الطرق : القتل والصلب ، أما لماذا ثلاثة أيام بالتحديد فحقيقة لا ادري السبب ، ولكن اعتقد أنها المدة المحددة في الشرعية الإسلامية

وقد بحثت على النت عن هذا الموضوع فوجدت قول الإمام الطحاوي : " وفي الصحيح تركهم على الخشب ثلاثة أيام ثم يخلي بينهم وبين أهاليهم ; لأنه لو تركهم اكثر من ذلك تغيروا وتأذى بهم المارة فيخلي بينهم وبين أهاليهم بعد ثلاثة أيام لينزلوهم فيدفنوهم "

نقطة أخيرة وهي أن قطاع الطرق ينفذ فيهم هذا الحكم إذا قبض عليهم من قبل أن يتوبوا، ولكن إذا صلحوا وتابوا قبل القبض عليهم فان الله كان توابا رحيما يقول تعالى " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم "

دعواتكم

١٨ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١١:٢٧ م  

اه
شرع الله اعظم التشريعات هى تلك التشريعات السمواية الاسلامية

بصراحة مش عارفة اقول
غير اللهم استرنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض عليك يارب العالمين
واعفو عنا انك على كل شئ قدير
جزاك الله خيراا على القصة

١٩ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٥:٤٧ ص  

كل عام وانت بخير

١٩ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١:٤٢ م  

بالفعل شرع ربنا هو الحل لكل المشاكل

٢٠ سبتمبر ٢٠٠٨ في ٤:٤٧ م  

فيه تاج فى مدونتى يا ريت لو حضرتك تحله

٢١ سبتمبر ٢٠٠٨ في ١٠:٥٥ م  

إرسال تعليق

<< Home