مدونــة البحـــر

الأحد، ٢٦ يوليو ٢٠٠٩

في دار أيتام




بسم الله الرحمن الرحيم



وحدها تدابير القدر -كما تفعل دائماً- هي من خططت لكل ذلك ، وبدون سابق إصرار أو إرادة مني



قابلته عند خروجه من الكلية وبيده كيس كبير، وبسؤاله عن محتواه عرفت انه ذاهب إلى زيارة دار أيتام مع مجموعة من الزملاء والزميلات ، ودعاني إلى مصاحبتهم ، فأجبت الدعوة شاكراً



لن أتحدث في هذه التدوينة عن التفاصيل التى ذخرت بها الزيارة ، وسأقتصر في الحديث عن موضوع رئيسي ، وهو الذي دعاني للكتابة عن مثل تلكما زيارة



بعد وصولنا لدار الأيتام في "كفر عصام" بطنطا ، كانت المفاجأة الأولى أنها دار أيتام للفتيات فقط



كنا تسعة ، 6 زملاء و3 زميلات ، بعد الدخول ، استقبلتنا مديرة الدار وعرضت علينا مشكلتها الرئيسية -حسب وصفها-



تقول : البنات في الدار هنا يتعلقن بالزوار كثيراً ، مما قد يسبب لهن مشاكل بعد ذلك


و ذكرت لنا قصة احداهن من أنها تعلقت بشاب متزوج ولديه طفلة وقد كان يزور الدار باستمرار ، ثم انها دعتنا إلى مشاركتها في حل هذه المشكلة



حينها ، تردد في ذهني سؤال : هل في الدار تلفزيون ؟؟؟ ، ولكن فضلت -بيني وبين نفسي- عدم طرحه ، ربما لأني كنت محرجاً في أول زيارة لي



بعد اختلاطنا بالفتيات -نزيلات الدار- كانت المفاجأة الثانية



إنهن يحفظن كل الأفلام الحديثة للممثلين والممثلات ويعرفون جميع تفاصيلها ويحفظون اسماء أبطالها ، بل انهم ذهبوا إلى تشبيه الزوار بالممثلين فهذا يشبه فلان الممثل وذاك يشبه علان المطرب



وكانت مفاجأة شديدة علي



حينها رددت بصوت عال .. عرفت السر ، عرفت السر



الفتيات في مثل هذه مرحلة عمرية يحتجن إلى عطف وحنان وحب واحتواء ، وهو مهما كان موجوداً من مشرفات الدار إلا انه يظل قليلاً وغير كاف



فمن هي تلك المشرفة التى تمتلئ بمثل هذه عواطف جياشة لتوزعها على هذا العدد الكبير لفتيات الدار



إن الوظيفة الرئيسية للأباء والأمهات هي اشباع رغبات أبنائهم من مشاعر وأحاسيس يحتاجونها في جميع مراحلهم العمرية ، وهذا ما ينقص فتيات الدار



فمثل هؤلاء الفتيات عندما يشاهدن فيلماً أو يسمعن أغنية في تفاصليها قصة حب و حنان ورومانسية وعاطفة فإنهن يحتجن إلى من يجدون عنده مثل هذه مشاعر و عواطف



يحتجن إلى من يجدوا عنده البسمة الرقيقة والقبلة الحانية والضمة الصافية والأذن السامعة الواعية ، وهذا هو ما يفتقدنه في دور الأيتام ، بينما يجده نظرائهم ممن يملكون أباء وأمهات على قيد الحياة



عدم وجود مثل هذه مشاعر من مشرفات الدار -وهن في ذلك معذورات كما أسلفنا- يؤدي بهن التعلق بزوار الدار ممن جاؤوا وهم يحملون معهم الحلوى و يرسمون على شفتيهم البسمة وربما يجدوا منهم أيضا ضمة دافئة أو مسحة رأس حانية



لذا كانت المسئولية الكاملة ملقاه على عاتق مديري ومشرفي هذه الدور ، فلا يعقل أن "تجيعوهم" بترك الحبل على الغارب لهم مع قنوات الأفلام والأغاني من روتانا وميلودي -كما علمت من الفتيات- ، ثم لا يجدوا عندهم ما "يشبعونهم" به




*****

دينا ونهى .. وحميدة ومنى




دينا .. فتاة في الصف الإبتدائي الأول ، ابتسامتها الصغيرة تكشف عن سنتين -مثنى سنة- أماميتين مخلوعتين ، تقول عنهما صديقتها أن الدكتور "كسرهم وهو بيعملها عملية اللوز" ، جميلة وهادئة ، وكانت من اكثر الفتيات التي جلست معهن في الدار



نهى .. فتاة الجمباز ، جسمها الصغير المتناسق اتاح لها تعلم رياضة الجمباز بل والتميز فيها ، قامت أمامنا بعدة حركات "شقلبانية" ، اعجبنها بها جميعنا



حميدة .. لاعبة الكاراتية ، عادت بي "12 سنة" إلى الوراء ، عندما كنت في نهاية المرحلة الابتدائية وكنا اذهب إلى النادي لتعلم رياضة الكاراتية وممارستها ، قمنا بإستعراض بعض "الكاتات" ، والمفاجأة أني كنت ما زلت أحفظ حركات "الكاتة" الأولى بعد مرور سنوات طوال ، فعلا التعلم في الصغر كالنقش على الحجر



منى .. أصغر من في الدار ، بعيونها الخضراء و روحها المرحبة بالزوار والضيوف احببناها جميعاً ، لعبنا سوياً بالكرة ، و ودعتنا بحرارة طالبهً منا تكرار الزيارة و قد وعدناها بذلك




*****

اختم بـ ..موقف طريف .. وكلمة صغيرة



الموقف .. عندما نزلنا من الدار ، مغادرين لها ، وجدنا على السلم كيس ممتلئ بأرغفة الخبز



قال لي زميل : انت عارف لو كلت رغيف عيش من دول هيكون جزائك اية ، فرد الآخر : ناراً وسعيرا ، تقول الأية .. " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا



الكلمة .. إذا لم تكن قد زرت داراً للأيتام يوماً .. فإنه حقاً ينقصك الكثير
...
..
.
تابعونا .. في مدرسة الاخوان
على مدونة .. سطر واحد
posted by أحمد سعيد بسيوني at ٧:٢٩ م

9 Comments:

حقا ان لم تكن زرت دار ايتام فانه ينقصك الكثير

تقبل تحياتي حلم كبير

٢٦ يوليو ٢٠٠٩ في ٧:٥٨ م  

احمد مش لاقيه كلام اقوله
ماشاء الله عليك وعلى صحبتك الرائعة
ربنا يثبتكم ويرزقنا الهداية جميعا

٢٧ يوليو ٢٠٠٩ في ١٠:٤٢ م  

عندك حق تماما ..
ثبتك الله ومن معك ..
"ملاحظة "
لم أكن أعلم ان كفرعصام فيها دار أيتام ..

٢٨ يوليو ٢٠٠٩ في ٢:٢٠ م  

مقالتك فجرت لى فكره جديده
وبالفعل كتبت اول موضوع
مش هقدر اعلق لانى لو علقت هطول اوى
تقدر تعتبر المقاله الجايه عندى هى تعليق على هذه المقاله
جزيت عنا خيرا
ودمت مبدعا

٢٨ يوليو ٢٠٠٩ في ٦:١٧ م  

تحياتي وتقديري لهذه الملاحظات التي أرجو أن يًـنبّه إليها مشرفات الدار
وحقا كنت في انتظار هذا الموضوع
لأني أعلم أنني سأستفيد بالكثير والحمدلله
موضوع ثري للغاية
الملاحظات والتعليق عليها أكثر من ممتاز تحليل قيَم
الموقف الاخير نبهني للآية الكريمة
والكلمة الاخيرة ..أتفق تماما معها
نفع الله بكم
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم

٢٨ يوليو ٢٠٠٩ في ٩:٣١ م  

ملحوظة استوقفتني الجملة الأولى في الموضوع وأرجو أن أستوضح منها وجزاكم الله خيرا

٢٨ يوليو ٢٠٠٩ في ٩:٤٢ م  

كانت زيارة طاعة .. فهنيئا لكم ..

٣٠ يوليو ٢٠٠٩ في ١٢:٤٦ م  

بسم الله
انا اعرف احد اقاربى تبنى هو وزوجته طفله رضيعه عمرهااسابيع
اسال الله له جزيل الثواب

٣٠ يوليو ٢٠٠٩ في ١١:٢٨ م  

بسم الله

جزى الله الإخوة المعلقين خير الجزاء

**
الدكتورة جهاد

تم التعديل في السطر الأول

بارك الله فيكم

دمتم بخير

٢ أغسطس ٢٠٠٩ في ١:٥١ ص  

إرسال تعليق

<< Home