مدونــة البحـــر

الأربعاء، ٧ يناير ٢٠٠٩

13/ من قلب القصف


من قلب القصف

***
تواصل القصف الصهيوني الغاشم على غزة ، ومن شوارع غزة الخالية إلا من الأشلاء وطواقم الإسعاف، يقول أبو هاني المُسعف: "أسيرُ في الشارع.. أنظر إلى المباني من حولي.. أحاول أن أخمِّن أيًّا منها سينفجر الآن، لكني لا أستطيع، فهل رأيتم أسوأ من هذا؟!".

***
و تقول هدى نعيم النائبة في المجلس التشريعي : خرجت إلى بيت أم حسن الشهيد في الشارع المجاور، إلا أني لم أجدها !، وعندما سألت عنها علمت أنها تركت بيت عزاء ابنها لتذهب إلى عزاء جارتها الثالثة أم هاني التي استُشهد ابناها

تقول نعيم: "توجَّهتُ مسرعةً إلى بيت أم هاني فرأيت مشهدًا فريدًا ليس له وجود إلا في غزة؛ فقد كانت كلتا الجارتين تتبادلان عبارات المواساة في محاولةٍ من كلٍّ منهما للتخفيف عن الأخرى، متناسيةً جراحها، ولا تخلو كلماتهن من التذكير بالله وطلب النصرة للمجاهدين والدعاء بحرقة على كل من ساهم في هذه المجزرة أو سكت عنها"

***
نُقل عن القائد الشهيد نزار ريان قوله قبل استشهاده : "نحن لن نطلب إلا من الله سبحانه وتعالى، ولا نريد شيئًا ممن ما زالت شاشات فضائياتهم تعرض الغناء وتحضِّر لحفلات رأس السنة.. نسأله تعالى وحده أن ينصر المجاهدين ويثبتهم".

إلا أنه تابع: "الأمة مليئة بالخير، ونحن نتابع ذلك، ولا أخفيك سرًّا؛ فقد دمعت عيناي عندما رأيت مسيرات شباب جامعة القاهرة الذي يتحرَّق شوقًا للزحف، ولكني أعني بكلماتي هذه الموقف الرسمي"

إن الشيخ نزار ريان لا يحمس الناس على الجهاد والعمليات الإستشهادية فحسب بل أعطى مثلا قل نظيره في التاريخ

فوافق على إرسال ولده إبراهيم إلى عملية استشهادية نادرة ، اقتحم فيها مستوطنة وقتل ثمانية من اليهود ، ولما تحصن بأحد البيوت دخل فيه فإذا به امرأة وطفليها ، فلم يقتلهما بل ادخلهما الحمام وأغلقه عليهم ، ابن العالم علمه أبوه أن لا يقتل طفلا ولا امرأة عمدا

إن الشيخ هو الذي ألهمه الله فكرة التحصن فوق البيوت ، التي كانت تهدمها إسرائيل من الجو ، فلما أعلم الجيش الإسرائيلي بيتا مجاورا للشيخ بإخلاء البيت لقصفه جاؤا إلى الشيخ فقام من ساعته وتوضأ وانطلق على البيت ونادى في الناس وهو يحث السير أن هلموا إلى بيت فلان ، وكان الناس لا يردون للشيخ أمرا ، وأرسل ابنه ينادي في الناس أن الشيخ يطلبكم سريعا عند بيت فلان ، فلما رأى الشيخ الجمع سر به وتزايد الناس حتى جاوزوا الألفين، فطلب منهم الشيخ أن يصعد جزء منهم معه فوق السطح ، وجزء يبقوا حول المنزل فأجابه معظم الناس

ولم أذن الفجر إذا بزوجته أم بلال ومعها الناس يقولون للرجال : سنصلي الفجر ونأتي مكانكم .. لأن الطيران لم يتوقف طيلة الليل ، فلما رأى صنيع النساء انصرف ، وكانت سنة بعد ذلك أوقفت هذا النوع من العدوان
أصيب ابن الشيخ الأكبر بلال وهو طالب علم ، وعلى خطا أبيه ثاني يوم من زواجه ، فقد أعلن النفير في الكتائب فنزل مسرعا وأصيب في تلك الليلة إصابة خطيرة لم يستطع معها المشي ثلاث سنوات وهو الآن يعرج في مشيته
الشيخ محبوب من الجميع حتى من جيرانه النصارى ، فقد توفي أحدهم فوجد أبناؤه وصيته أنه لا يقبل بأن يوزع أحد تركته .. إلا الشيخ

يقول احدهم

هذا الشيخ .. قالوا له لا تبق في بيتك وبين أسرتك، فالعدو لك بالمرصاد، لكنه رفض وعاد إلى منزله تحديا.. وسقط البيت عليه وعلى أهله.. كل أهله، النساء والأطفال، أكثر من 11 شهيدا ولم يبق أحد ! صعد الجميع إلى السماء.. سألت نفسي عجباً لهذه الأسرة الطيبة، لم يرد الله فصلها عن بعضها، أراد لهم الاجتماع عنده، كلهم الصغير والكبير، الشيخ والرضيع، يجب ألا يتخلف أحد فالكل مدعو إلى مائدة الرحمن والدعوة عامة لهذه الأسرة!

تخيلت الجميع وهم يفتحون عيونهم حيث اللازمان واللامكان واللاكيف.. ولكن هناك.. حيث رضا الله وغفرانه ورحمته ومحبته.. لحظة فارقة سبقت وصول الصاروخ إلى المنزل، كان البيت وكانت الأسرة وكانت طائرات في السماء وكان ظلم العباد.. ثم لحظة بعدها، ومضة في حياة الكون أو لا شيء.. نفس الأسرة نفس الوجوه ولكن تغير البيت وتغيرت الوجوه وتغير المحيط.. عرش الرحمن، ورضا الرحمن وفردوس الرحمن!


عجبا لهذه الدنيا ، كم هي تصغر عند الكبار وتكبر عند الصغار

و يقول أحد الكتاب واصفاً الوضع المأساوي

طفل يجذب الغطاء نحو وجهه كلما اقترب أزيز الطائرات من حواليه، ينظر إلى أمه تارة وإلى صورة معلقة على الجدار تارة أخرى، كُتب عليها القدس لنا، فلسطين لنا بأرضها وسمائها.. وإن كانت السماء هذه الليلة ملكا لقوم غير قومه، ناصبوه العداء لأنهم أرادوا إقناع آبائه بأنهم شعب بدون أرض جاؤوا لأرض بدون شعب ! فكان الصغير يتلمس أطرافه ليتبين أنه حي، يفترش هذه الأرض كما افترشها أجداده منذ آلاف السنين، غير أنه اختلف عنهم أن أرض الأجداد كانت صلبة وأرضه اليوم ترتجف
اللَّهُمَّ كَمَا نَجَّيْتَ آدَمَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَنُوحاً مِنَ الغَرَقِ، وَإِبْراهِيمَ مِنَ النَّارِ، وَمُوسَى مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَيُونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ، وَمُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَحْزَابِ،فاللَّهُمَّ نَجِّ إِخْوَانَنَا المُسْلِمِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلِسْطِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ المُعْتَدِين
*****
َطالع ايضاً

عرب اكثر من العرب أنفسهم

موقف رجولي للزعيم التركي المسلم .. هنا

فنزويلا تطرد السفير الصهيوني .. هنا
posted by أحمد سعيد بسيوني at ١:٤٦ م

4 Comments:

بارك الله فيك
اللهم انصر اخواننا فى غزة وفى كل مكان يارب العالمين
وربنا يجازيك عنا خير اخى الكريم

٧ يناير ٢٠٠٩ في ٣:٥٣ م  

جزاكم الله خيرا

وكان الله في عون اهل غزة ونصرهم وثبتهم

٧ يناير ٢٠٠٩ في ١١:١٨ م  

اللهم اشكو اليك ضعف قوتي
والله يا اخي كم اشتقت لهذه الامثلة وامنى ان اكون بجوارهم
رزقنا الله واياكم الجنة
بارك الله فيك

٩ يناير ٢٠٠٩ في ٥:٥٧ ص  

جميل جدا
لكن انا اعتقد انك فهمت كلام الشيخ بطريقة خاطئة

١٥ يناير ٢٠٠٩ في ٤:٤٤ ص  

إرسال تعليق

<< Home